للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله، المبيد المبير الحقود، عجل الله الانتقام منه، فقال له: تعرفني قال: لا والله، قال: أنا الحجاج، فرأى الرجل أن دمه قد طاح فرفع عصاً كانت معه وقال: أتعرفني أنا أبو ثور المجنون، وهذا يوم صرعي، وأزبد وأرغى وهاج وأراد أن يضرب رأسه بالعصا، فضحك منه وانصرف.

وكان الحجاج كثيراً ما يسأل القراء، فدخل عليه يوماً رجل فقال له: ما قبل قوله تعالى: (أمن هو قانت آناء الليل) . فقال: (قل تمتع بكفرك قليلاً إنك من أصحاب النار) ، قال: فما سأل أحداً بعدها.

وخطب في يوم جمعة فأطال الخطبة، فقام إليه رجل فقال: إن الوقت لا ينتظرك والرب لا يعذرك، فأمر به إلى الحبس، فأتاه آل الرجل فقالوا: إنه مجنون، فقال: إن أقر على نفسه بما ذكرتم خليت سبيله، فقال الرجل: لا والله لا أزعم أنه ابتلاني وقد عافاني.

وممن هرب من الحجاج محمد بن عبد الله بن نمير الثقفي، وكان يشبب بزينب بنت يوسف أخت الحجاج وهو الذي يقول:

تضوع مسكاً بطن نعمان أن مشت ... به زينب في نسوة عطرات فلما أتي به الحجاج قال: والله أيها الأمير إن قلت إلا خيراً، إنما قلت:

يخضبن أطراف البنان من التقى ... ويخرجن شطرا الليل معتجرات قال: فأخبرني عن قولك:

ولما رأت ركب النميري أعرضت ... وكن من أن يلقينه حذرات ما كنتم قال: كنت على حمار هزيل ومعي صاحب على اتان مثله، فعفا عنه.

ولما قتل الحجاج عبد الله بن الزبير ارتجت مكة بالبكاء والعويل، فأمر الحجاج بالناس فجمعوا إلى المسجد ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أهل مكة، بلغني بكاؤكم واستفظاعكم قتل عبد الله بن الزبير، ألا وإن ابن الزبير كان من أحبار هذه الأمة حتى رغب في الخلافة ونازع فيها أهلها وخلع

<<  <  ج: ص:  >  >>