كنت عنه غنياً؛ ثم قال لها: سلي يا ليلى تعطي، قالت: أعط فمثلك أعطى فأحسن، قال: لك عشرون، قالت: زد فمثلك زاد فأجمل، قال: لك أربعون، قالت: زد فمثلك زاد فأفضل، قال: لك ستون، قالت: زد فمثلك زاد فأكمل، قال: لك ثمانون، قالت: زد فمثلك زاد فتمم، قال: لك مائة واعلمي يا ليلى أنها غنم، قالت: معاذ الله أيها الأمير، أنت أجود جوداً وأمجد مجداً وأورى زنداً من أن تجعلها غنماً، قال: فما هي ويحك يا ليلى قالت: مائة ناقة برعائها، فأمر لها بها، ثم قال: ألك حاجة بعدها قالت: نعم أيها الأمير، تدفع غلي النابغة الجعدي في قيد، قال: قد فعلت، وقد كان يهجوها وتهجوه، فبلغ ذلك النابغة فخرج هارباً عائذاً بعبد الملك بن مروان فاتبعته إلى الشام فهرب إلى قتيبة بن مسلم بخراسان فاتبعته على البريد بكتاب الحجاج إلى قتيبة فماتت بقومس، وقيل بحلوان.
وكان الحجاج إذا سمع بنوح في دار هدمها، فلما مات ابنه وأخوه حن إلى النوح، وكان يعجبه أن يسمعه، وكان كثيراً ما يتمثل بهذا البيت:
هل ابنك إلا ابن من الناس فاصبري ... فلن يرجع الموتى جنين المآتم وكان يتمثل بهذا البيت أيضاً وهو:
فإن تحتسب تؤجر وإن تبكه تكن ... كباكية لم يحي ميتاً بكاؤها] (١) وبالجملة فأخبار الحجاج كثيرة، وشرحها يطول. وهو الذي بنى مدينة واسط وكان شروعه في بنائها في سنة أربع وثمانين للهجرة وفرغ منها في سنة ست وثمانين، وإنما سماها واسط لأنها بين البصرة والكوفة فكأنها توسطت بين هذين المصرين؛ وذكر ابن الجوزي في كتاب " شذور العقود " المرتب على السنين أنه فرغ من بنائها في سنة ثمان وسبعين، وكان قد ابتدأ من سنة خمس وسبعين، والله أعلم.
ولما حضرته الوفاة أحضر منجماً فقال له: هل ترى في علمك ملكاً يموت
(١) إلى هنا ينتهي هذا النص الطويل الذي انفردت به ص ر وشاركت في بعضه النسخة د.