للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملك كان عبداً لمرجان الملك، وكان عبداً لحسين بن سلامة مولى الأستاذ رشد الحبشي، وكان الحسين ورشد قبله كل منهما هو صاحب الأمر والملك في المعنى وفي الصورة كالوزير عن آخر ملوك بني زياد باليمن وهو طقل من أولاد أبي الجيش إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن زياد يقال له عبد الله، وقيل إبراهيم، وقيل زياد، وهو الذي انقرضت دولتهم به على يد عبد يقال له قيس مولى مرجان المذكور، وسببه أن الطفل المذكور لما مات أبوه أبو الجيش كفله مولاه مرجان المذكور وعمة للطفل، وكان لمرجان عبدان أحدهما نجاح أبو سعيد والآخر قيس (١) ، فغلبا على أمره، وكان قيس يحكم بالحضرة ونجاح يتولى أعمال الكدراء والمهجم وأعمالاً أخرى غيرها، ووقع التنافس بين قيس ونجاح على وزارة الحضرة، وكان قيس غشوماً ظالماً ونجاح رؤوفاً عادلاً، فاتهم قيس عمة ابن زياد بالميل عليه إلى نجاح، فقبض عليها وعلى ابن أخيها مرجان ملاه لأجل شكوى قيس إليه منهما وسلمهما إلى قيس، فبنى عليهما حائطين، وهما قائمان بالحياة يناشدانه الله أن لا يفعل، فهلكا سنة سبع وأربعمائة، ونمي ذلك إلى نجاح، فسار للأخذ بثأرهما، وحارب قيساً وجرت بينهما أمور أسفرت عن ظفر نجاح بقيس وملكه الحضرة. وقتل قيس في بعض الوقائع على باب زبيد، ولما فتح نجاح زبيد وهي حضرة الملك يومئذ في سنة اثنتي عشرة وأربعمائة، قال لمرجان مولاه: ما فعل مواليك وموالينا قال: هم في ذلك الحائط، فأخرجهما وصلى عليهما ودفنهما في مشهد بناه لهما وجعل مرجاناً موضعهما، وبنى عليه الحائط حتى هلك. ومات نجاح المذكور بالسم بحيلة تمت عليه مع جارية أهداها له الصليحي المذكور في الكدراء سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. ولما مات نجاح كتب للصليحي في سنة ثلاث وخمسين إلى المستنصر صاحب مصر يسأمره في إظهار الدعوة لهم فأمره فخرج وكان منه ما كان، والله أعلم.

وكان الحجاج ينشد في مرض موته هذين البيتين، وهما لعبيد بن سفيان العكلي (٢) :


(١) في تاريخ عمارة (١٣٦) : نفيس، وفي أصل النسخة " قيس ". وشرح الخبر كله في المصدر المذكور.
(٢) انظر تهذيب ابن عساكر: ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>