السنة قتل أبو جعفر محمد بن علي الشلمغاني المعروف بابن ابي العزاقر، وسبب ذلك أنه أحدث مذهباً غالياً في التشيع والتناسخ وحلول الإلهية فيه، إلى غير ذلك مما يحكيه، وأظهر ذلك من فعله أبو القاسم الحسين بن روح الذي تسميه الأمامية " الباب " فطلب ابن الشلمغاني فاستتر وهرب إلى الموصل وأقام سنين، ثم انحدر إلى بغداد وظهر عنه أنه يدعي الربوبية، وقيل: إنه تبعه على ذلك الحسين بن القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب الذي وزر للمقتدر بالله وابنا بسطام وإبراهيم بن أحمد بن أبي عون وغيرهم، وطلبوا في أيام وزارة ابن مقلة للمقتدر فلم يوجدوا، فلما كان في شوال سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة ظهر ابن الشلمغاني، فقبض عليه ابن مقلة وحبسه وكبس داره، فوجد فيها رقاعاً وكتباً ممن يدعي أنه على مذهبه يخاطبونه بما لا يخاطب به البشر بعضهم بعضاً، فعرضت على ابن الشلمغاني فأقر أنها خطوطهم وأنكر مذهبه، واظهر الإسلام، وتبرأ مما يقال فيه. وأحضر ابن أبي عون وابن عبدوس معه عند الخليفة، فأمر بصفعه فامتنعا، فلما أكرها مد ابن عبدوس يده فصفعه، وأما ابن أبي عون فإنه مد يده إلى لحيته ورأسه، وارتعدت يده وقبل لحية ابن الشلمغاني ورأسه وقال: إلهي وسيدي ورازقي، فقال له الخليفة الراضي بالله: قد زعمت أنك لا تدعي الإلهية فما هذا فقال: وما علي من قول ابن أبي عون والله يعلم أنني ما قلت له إنني إله قط، فقال ابن عبدوس: إنه لم يدع إلهية، إنما ادعى أنه الباب إلى الإمام المنتظر، ثم أحضروا مرات ومعهم الفقهاء والقضاة، وفي آخر الأمر أفتى الفقهاء بإباحة دمه، فأحرق بالنار في ذي القعدة من سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة.
(٢٧) وذكره محب الدين بن النجار في " تاريخ بغداد " في ترجمة ابن أبي عون المذكور وقال: إن ابن أبي عون ضربت عنقه بعد أن ضرب بالسياط ضرباً مبرحاً لمتابعته ابن الشلمغاني، وصلب ثم أحرق بالنار، وذلك في يوم الثلاثاء لليلة خلت من ذي القعدة من السنة المذكورة.
قلت: وابن أبي عون هو صاحب التصانيف المليحة منها " التشبيهات " و " الأجوبة المسكتة " وغير ذلك، وكان من أعيان الكتاب.