للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمقفع - بضم الميم وفتح القاف وتشديد الفاء وفتحها وبعدها عين مهملة - واسمه داوديه، وكان الحجاج بن يوسف الثقفي في أيام ولايته العراق وبلاد فارس قد ولاه خراج فارس فمد يده وأخذ الأموال، فعذبه فتقفعت يده فقيل له المقفع، وقيل: بل ولاه خالد بن عبد الله القسري - الآتي ذكره إن شاء الله تعالى - وعذبه يوسف بن عمر الثقفي الآتي ذكره لما تولى العراق بعد خالد، والله أعلم أي ذلك كان.

وقال ابن مكي في كتاب " تثقيف اللسان " ويقولون: ابن المقفع والصواب ابن المقفع - بكسر الفاء - لأن أباه كان يعمل القفاع ويبيعها.

قلت: والقفاع بكسر القاف جمع قفعة بفتح القاف، وهي شيء يعمل من الخوص شبيه الزبيل لكنه بغير عروة، والقول الأول هو المشهور بين العلماء، وهو فتح الفاء.

قلت: ولما وقفت على كلام إمام الحرمين - رحمه الله تعالى - ولم يمكن أن يكون ابن المقفع أحد الثلاثة المذكورين قلت: لعله أراد المقنع الخراساني الذي ادعى الربوبية، وأظهر القمر - كما شرحته في ترجمته بعد هذا في حرف العين - فإن اسمه عطاء، ويكون الناسخ قد حرف كلام إمام الحرمين فأراد أن يكتب المقنع فكتب المقفع فإنه يقرب منه في الخط. فيكون الغلط والتحريف من الناسخ لا من الإمام، ثم أفكرت في أنه لا يستقيم أيضاً، لأن المقنع الخراساني قتل نفسه بالسم في سنة ثلاث وستين ومائة - كما ذكرناه في ترجمته - فما أدرك الحلاج والجنابي أيضاً.

(٢٦) وإذا أردنا تصحيح هذا القول وأن ثلاثة اجتمعوا واتفقوا على الصورة التي ذكرها إمام الحرمين فما يمكن أن يكون الثالث إلا ابن الشلمغاني، فإنه كان في عصر الحلاج والجنابي، وأموره كلها مبنية على التمويهات، وقد ذكره جماعة من أرباب التاريخ، فقال شيخنا عز الدين بن الأثير في تاريخه الكبير في سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة فصلاً طويلاً اختصرته (١) ، وهو: وفي هذه


(١) تاريخ ابن الأثير ٨: ٢٩٠ ومعجم الأدباء ١: ٢٣٤ (في ترجمة إبراهيم بن أبي عون) ومعجم البلدان " شلمغان " والأنساب واللباب " الشلمغاني ".

<<  <  ج: ص:  >  >>