للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السنة المذكورة، وفي كلام عمر بن شبه في كتاب " أخبار البصرة " ما يدل على أن ذلك كان في سنة اثنتين وأربعين ومائة أو ثلاث وأربعين.

ولا خلاف في أن سليمان بن علي المقدم ذكره مات في سنة اثنتين وأربعين ومائة، وقد ذكرنا أنه قام مع أخيه عيسى بن علي في طلب ثأر ابن المقفع، فيدل أيضاً على أنه قتل في هذه السنة، والله أعلم.

وابن المقفع له شعر، وهو مذكور في كتاب " الحماسة "، وسيأتي في ترجمة أبي عمرو ابن العلاء المقرئ له مرثية فيه. وقد قيل: إنها لولده محمد بن عبد الله ابن المقفع على ما ذكرته هناك من الخلاف، فلينظر فيه (١) . وكيفما كان، فإن تاريخ قتله لم يكن بعد سنة خمس وأربعين ومائة وإنما كان فيها أو فيما قبلها، وإذا كان كذلك، فكيف يتصور أن يجتمع بالحلاج والجنابي - كما ذكره إمام الحرمين رحمه الله تعالى - ومن ها هنا حصل الغلط، وايضاً فإن ابن المقفع لم يفارق العراق، فكيف يقول: إنه توغل في بلاد الترك، وإنما كان مقيماً بالبصرة ويتردد في بلاد العراق، ولم تكن بغداد موجودة في زمنه، فإن المنصور أنشأها في مدة خلافته: فاختطها في سنة أربعين ومائة، واستتم بناءها ونزلها في سنة ست وأربعين، وفي سنة تسع وأربعين تم جميع بنائها، وهي بغداد القديمة التي كانت بالجانب الغربي على دجلة، وهي بين الفرات ودجلة كما جاء في الحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تنشأ مدينة في هذا المكان، وهذا الحديث هو الذي ذكره الخطيب أبو بكر البغدادي في أول تاريخه الكبير وقد غاب عني الآن لفظه فلهذا لم أذكره. وبغداد في هذا الزمان هي الجديدة التي في الجانب الشرقي وفيها دور الخلفاء، وهي قاعدة الملك في هذا الوقت، وكان السفاح وأخوه المنصور قد نزلا بالكوفة، ثم بنى السفاح بليدة عن الأنبار سماها الهاشمية، فانتقلا إليها، ثم انتقلا إلى الأنبار، وبها مت السفاح وقبره ظاهر بها، وأقام المنصور على ذلك إلى أن بنى بغداد فانتقل إليها.


(١) هي الحماسة: ٢٨٢ (شرح المرزوقي: ٨٦٣) في رثاء يحيى بن زياد وسوردها المؤلف في ترجمة أبي عمرو ان العلاء؛ ولكن لعل الأرجح أن " أبا عمرو " المرثي في القصيدة ليس هو أبا عمرو ابن العلاء وتكون القصيدة صحيحة النسبة لعبد الله ابن المقفع، قال ابن خلكان: " ولكنها مشهورة في أبي عمرو المذكور " وإذا كان الأمر كذلك فإنها ليست لعبد الله بن المقفع.

<<  <  ج: ص:  >  >>