للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ضعف جداً وأشرفت قوته على السقوط، فأهمل المداواة وقال: المدبر الذي في بدني قد عجز عن تدبيره فلا تنفعني المعالجة، ثم اغتسل وتاب وتصدق بما معه على الفقراء، ورد المظالم على من عرفه وأعتق مماليكه وجعل يختم في كل ثلاثة أيام ختمة، ثم مات في التاريخ الذي يأتي في آخر ترجمته إن شاء الله تعالى] (١) .

وكان نادرة عصره في علمه وذكائه وتصانيفه، وصنف كتاب " الشفاء " في الحكمة، و " النجاة " و " الإشارات " و " القانون " وغير ذلك مما يقارب مائة مصنف ما بين مطول ومختصر ورسالة في فنون شتى، وله رسائل بديعة: منها رسالة " حي بن يقظان " ورسالة " سلامان وابسال " ورسالة " الطير " وغيرها، وانتفع الناس بكتبه، وهو أحد فلاسفة المسلمين.

وله شعر، فمن ذلك قوله في النفس:

هبطت إليك من المحل الأرفع ... ورقاء ذات تعزز وتمنع

محجوبة عن كل مقلة عارف ... وهي التي سفرت فلم تتبرقع

وصلت على كره إليك وربما ... كرهت فراقك وهي ذات تفجع

أنفت وما ألفت فلما واصلت ... ألف مجاورة الخراب البلقع

وأظنها نسيت عهوداً بالحمى ... ومنازلاً بفراقها لم تقنع

حتى إذا اتصلت بهاء هبوطها ... من ميم مركزها بذات الأجرع

علقت بها ثاء الثقيل فأصبحت ... بين المعالم والطلول الخضع

تبكي وقد نسيت عهوداً بالحمى ... بمدامع تهمي ولما تقلع

حتى إذا قرب المسير إلى الحمى ... ودنا الرحيل إلى الفضاء الأوسع

وغدت تغرد فوق ذروة شاهق ... والعلم يرفع كل من لم يرفع

وتعود عالمة بكل خفية ... في العالمين فخرقها لم يرقع

فهبوطها إذ كان ضربة لازم (٢) ... لتكون سامعة لما لم تسمع

فلأي شيء أهبطت من شاهق ... سام إلى قعر الحضيض الأوضع


(١) انفردت به ر.
(٢) ج: لازب.

<<  <  ج: ص:  >  >>