للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا تأخذا بظلامتي أحداً ... قلبي وطرفي في دمي اشتركا ومن شعره في مدح المطلب بن عبد الله بن مالك الخزاعي أمير مصر (١) :

زمني بمطلب سقيت زمانا ... ما كنت إلا روضة وجنانا

كل الندى إلا نداك تكلف ... لم أرض غيرك كائناً من كانا

أصلحتني بالبر بل أفسدتني ... وتركتني أتسخط الإحسانا ومن كلامه: من فضل الشعر أنه لم يكذب أحد قط إلا اجتواه (٢) الناس، إلا الشاعر فإنه كلما زاد كذبه زاد المدح له، ثم لا يقنع له بذلك حتى يقال له: أحسنت والله، فلا يشهد له شهادة زور إلا ومعها يمين بالله تعالى.

وقال دعبل (٣) : كنا يوماً عند سهل بن هارون الكاتب البليغ، وكان شديد البخل، فأطلنا الحديث، واضطره الجوع إلى أن دعا (٤) بغدائه، فأتي بقصعة فيها ديك عاس هرم لا تخرقه سكين ولا يؤثر فيه ضرس، فأخذ كسرة خبز فخاض بها مرقته، وقلب جميع ما في القصعة، ففقد الرأس، فبقي مطرقاً ساعة، ثم رفع رأسه وقال للطباخ: أين الرأس فقال: رميت به، قال: ولم قال: ظننت أنك لا تأكله، فقال: لبئس ما ظننت، ويحك والله إني لأمقت من يرمي برجليه فكيف من يرمي رأسه، والرأس رئيس، وفيه الحواس الأربع، ومنه يصيح، ولولا صوته لما فضل، وفيه فرقه (٥) الذي يتبرك به، وفيه عيناه اللتان يضرب بهما المثل فيقال: شراب كعين (٦) الديك، وماغه عجب (٧) لوجع الكليتين، ولم ير عظم قط أهش من عظم رأسه، أو ما علمت أنه


(١) ديوانه: ١٩٠، وتنسب أيضاً لطريح الثقفي في حماسة الخالديين ١: ١٤.
(٢) د: اجتنبه.
(٣) لم ترد هذه القصة في س.
(٤) هـ: أتي.
(٥) فرقه: رواية ص والمسودة؛ وفي بعض النسخ: عرفه.
(٦) هـ: مثل عين.
(٧) ر: عجيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>