كذبت يا عدو الله، إن الله أخذ ميثاق العلماء ليبيننه للناس ولا يكتمونه، فأفاق سليمان فقال: يا أبا حازم كيف لنا أن نصلح للناس قال: تدع الصلف وتستمسك بالمروة وتقسم بالسوية، قال سليمان: كيف المأخذ به قال: أن تأخذ المال من حله وتضعه في أهله، قال سليمان: هل لك أن تصحبنا فتصيب منا ونصيب منك قال: أعوذ بالله يا أمير المؤمنين! قال: ولم قال: أشخى أن أركن إليكم شيئاً قليلاً فيذيقني الله ضعف الحياة وضعف الممات، قال: يا أبا حازم ارفع إلي حوائجك، قال: تنجيني من النار وتدخلني الجنة، قال: ليس ذلك غلي، قال: فلا حاجة لي غيرها، قال: فادع لي الله يا أبا حازم، قال: اللهم إن كان سليمان وليك فيسره بخير الدنيا والآخرة، وإن كان عدوك فخذ بناصيته إلى ما تحب وترضى، قال سليمان: زدني، قال: يا أمير المؤمنين قد أوجزت وأكثرت إن كنت من أهله، وإن لم تكن من أهله فيما ينبغي لي أن أرمي عن قوس ليس لها وتر، قال: أوصني يا أبا حازم، قال: سأوصيك وأوجز: عظم ربك ونزهه أن يراك حيث نهاك أو يفقدك من حيث أمرك، ثم قام، فبعث إليه سليمان بمائة دينار وكتب إليه أن أنفقها ولك مثلها كثير، فردها عليه وكتب إليه: يا أمير المؤمنين أعوذ بالله أن يكون سؤالك إياي هزلاً وردي عليك باطلاً، فو الله ما أرضاها لك فكيف أرضاها لنفسي يا أمير المؤمنين إن كانت هذه المائة عوضاً لما حدثتك فالميتة ولحم الخنزير في حل الاضطرار أحل من هذه، وإن كانت هذه حقاً لي في بيت المال فلي فيها نظر، فإن سويت بيننا وإلا فلا حاجة لي فيها؛ قال له جلساؤه: يا أمير المؤمنين أيسرك أن يكون الناس كلهم مثله قال: لا والله، قال أبو حازم: يا أمير المؤمنين إن بني إسرائيل ما داموا على الهدى والرشد كان أمراؤهم يأتون علماءهم رغبة فيما عندهم، [فلما رئي قوم من أراذل الناس تعلموا العلم وأتوا به الأمراء] يريدون به الدنيا [استغنت الأمراء عن العلماء] فتعسوا ونكسوا وسقطوا من عين الله عز وجل، ولو أن علماءهم زهدوا فيما عند الأمراء لرغب الأمراء في علمهم، ولكنهم رغبوا فيما عند الأمراء فزهدوا فيهم وهانوا في أعينهم، فقال: الزهري: إياي تعني وتعرض بي فقال أبو حازم: لا والله ما تعمدتك ولكن