للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهك عني، وما ذاك إلا لبغضك لنا، وما أراني إلا قاتلك لأنك زنديق، قال: يا أمير المؤمنين إن الدماء لا تسفك بالأحلام، وليست رؤياك رؤيا يوسف عليه السلام؛ وأما قولك إني زنديق فإن للزنادقة علامة يعرفون بها، قال: وما هي قال: شرب الخمور والضرب بالطنبور، قال: صدقت أبا عبد الله، وأنت خير من الذي حملني عليك.

قال مصعب بن عبد الله الزبيري: حدثني أبي قال (١) : دخل شريك على المهدي فقال له: ما ينبغي أن تقلد الحكم بين المسلمين، قال: ولم قال: لخلافك على الجماعة وقولك بالإمامة، فقال: أما قولك: لخلافك على الجماعة، فمن الجماعة أخذت ديني، فكيف أخالفهم وهم أصل ديني، وأما قولك: وقولك بالإمامة، فما أعرف إلا كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وأما قولك: مثلك لا يقلد الحكم بين المسلمين، فهذا شيء أنتم فعلتموه، فإن كان خطأ فلتستغفروا الله منه، وإن كان صواباً فامسكوا عليه. قال: ما تقول في علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ما قال فيه جدك العباس وعبد الله، قال: وما قالا فيه قال: أما العباس فمات وعلي عنده أفضل الصحابة، وقد كان يرى كبراء المهاجرين يسألونه عما ينزل من النوازل وما احتاج إلى أحد حتى لحق بالله. وأما عبد الله فإنه كان يضرب بين يديه بسيفين، وكان في حروبه رأساً متبعاً وقائداً مطاعاً، فلو كانت إمامة علي جوراً لكان أول من يقعد عنها أبوك لعلمه بدين الله وفقهه في أحكام الله. فسكت المهدي وأطرق، ولم يمض بعد هذا المجلس إلا قليل حتى عزل شريك.

وقال عبد الله العجلي (٢) : قدم هارون الكوفة فعزل شريكاً عن القضاء، وكان موسى بن عيسى والياً على الكوفة، فقال موسى لشريك: ما صنع أمير المؤمنين بأحد ما صنع بك: عزلك عن القضاء، قال له شريك: هم أمراء المؤمنين يعزلون الولاة ويخلعون ولاة العهود فلا يعاب ذلك عليهم، فقال موسى: ما ظننت أنه مجنون هكذا لا يبالي ما تكلم به، وكان أبوه عيسى بن


(١) تاريخ بغداد: ٢٩٢.
(٢) المصدر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>