للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان شجاعاً أديباً، وركب يوماً ببغداد في حراقته، فاعترضه مقدس ابن صيفي الخلوقي الشاعر، وقد أدنيت من الشط ليخرج، فقال: أيها الأمير، إن رأيت أن تسمع مني أبياتاً، فقال: قل، فأنشأ يقول (١) :

عجبت لحراقة ابن الحسين لا ... غرقت كيف لا تغرق

وبحران: من فوقها واحد ... وآخر من تحتها مطبق

وأعجب من ذاك أعوادها ... وقد مسها كيف لا تورق فقال طاهر: أعطوه ثلاثة آلاف دينار (٢) ، وقال له: زدنا حتى نزيدك، فقال: حسبي.

ولبعض الشعراء في بعض الرؤساء، وقد ركب البحر، وما أقصر فيه:

ولما امتطى البحر ابتهلت تضرعاً ... إلى الله يا مجري الرياح بلطفه

جعلت الندى من كفه مثل موجه ... فسلمه واجعل موجه مثل كفه وكان طاهر قد احتاج إلى الأموال عند محاصرة بغداد، فكتب إلى المأمون يطلبها منه، فكتب له إلى خالد بن جيلويه الكاتب ليقرضه ما يحتاج إليه، فامتنع خالد من ذلك، فلما أخذ طاهر بغداد أحضر خالداً وقال له: لأقتلنك الشركة المتعهدة قتلة، فبذل من الماء شيئاً كثيراً فلم يقبله منه، فقال خالد: قد قلت شيئاً فاسمعه، ثم شأنك وما أردت، فقال طاهر: هات، وكان يعجبه الشعر، فأنشده:

زعموا بأن الصقر (٣) صادف مرة ... عصفور بر ساقه المقدور (٤)

فتكلم العصفور تحت جناحه ... والصقر منقض عليه يطير


(١) س: فأنشده، والأبيات منسوبة لعوف بن محلم في طبقات الشعراء: ١٨٩.
(٢) ر: درهم.
(٣) م: نبئت أن الباز.
(٤) أ: التقدير.

<<  <  ج: ص:  >  >>