للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمسك كالخجل، ثم قال: هاته.

فلما جاء، قال: يا أبا جعفر، من حقّ مودّتي لك، أن تتوافى لأعدائي، وتقوم عن مجلسي، إذا رأيتني أوقع بأعدائي؟

فقال: ننصف؟ أو نقول: صدق الأمير؟

قال: أسمع وأنصف.

قال: أيّها [١٥٦] الوزير، هذا رجل سألتك فيه، فاعمل «١» أنّه كان بقّالا، لابن وزير أنت تعلم حالته، وقديم رياسته، فما كان يحسن أن تردّني فيه، ولا إن رددتني، أن تسومني الجلوس، وحضور عذاب من شفعت فيه، ثم أنت تعلم، أنّ الأيّام دول، وأنّ لهذا الفعل عاقبة، يكفيك الله إيّاها، فأيّ شيء يضرّك من سلامة مهجتي، في حال العافية، وإفلات نعمتي من شرّ هؤلاء؟ وأن يقولوا غدا: داهننا، ولم يشفع لنا، ولو كان نصحنا ما خالفه الوزير، مع ما بينهما، وما قعد ليشاهد صفعنا، إلّا تشفّيا منا، وأيّ شيء أحسن بك من أن تنسب حاشيتك، ومن اخترته لمودتك وأنسك، إلى الخير، وبعدهم من الشرّ، فيقال: إنّه لو لم يكن خيّرا، لما استصحب الأخيار، وإنّما يحمله على ما فعله، الغضب، والحاجة إلى المال، وإلّا فالخير طبعه، والغالب عليه، ولا يقال: إنّه شرير جمع الأشرار حواليه، واعلم أنّي [١٥٧] ما قمت من مجلسك، إلّا وقد وضعت في نفسي، أنّك تنكبني، وعلمت أنّي قد أسأت أدبي، وأنّي غير آمن من عجلتك في نكبتي، ولكن قلت: أكون على حقّ، ومتمسّكا بحجّة وحزم، وإن جنى عليّ، وإن سلمت، فبفضل الله، وإن هلكت فالله يخلّصني.

قال: فخجل حامد، واعتذر إليه وقال: اخرج الآن، وخذ بيد المحسّن، وتوسّط أمره، وخفّف محنته.