رأيت بواسط شيخا، ذكر لي، في شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وستين وثلاثمائة، أنّه قد تجاوز الستّين سنة، وأنّ مولده ومنشأه بالدحب «١» ، قرية من سواد واسط، وأنّ أباه كان رجلا من أهل البصرة، من بني تميم، وفد قديما إلى واسط، ثم استوطن [٧٠] السواد، فولد هو فيه، ونشأ إلى أن بلغ، فأحبّ العلم، فرجع إلى البصرة، وأقام بها، وتأدّب، ثم دخل البادية، فأقام بها نحو عشر سنين، ولقي الناس، ووجدته يفهم من اللغة والنحو طرفا، وهو شاعر من شعراء واسط المشهورين، ويلقب بسيدوك «٢» .
وأخبرني هو، قال: قال لي أبو محمّد المهلّبي، وقد امتدحته لما وزّر، لم تسميت بسيدوك؟
فقلت: لأنّه اسم رئيس الجنّ، وأنا رئيس الشعراء.
فقال: أفتدري لم سمّي سيدوك رئيس الجنّ بهذا الاسم؟
قلت: لا.
قال: بلغني أنّه إنّما سمّي بذلك، لأنّ في الجنّ قبيلة يقال لها: هلوك، وهو سيدها، فاستثقلوا أن يقولوا: سيّد هلوك، فخفّفوها، فقالوا: سيدوك.
والرجل كان يكنى أبا طاهر، واسمه عبد العزيز بن حامد بن الخضر، على ما أخبرني.