للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٤٠ ضيق أحوال الناس أبعدهم عن ممارسة البرّ والإحسان

تجارينا ذكر شدّة زماننا، وفقر الناس [١٦٣ ب] فيه، وضيق أحوالهم، واستحبابهم البخل، حتى إنّ بعضهم يسميّه احتياطا، وبعضهم إصلاحا، وتوصية الناس بعضهم بعضا به، وتحذّر التجّار من معاملات الناس، ومسك الناس أيديهم عن الإحسان إلى أحد، أو برّه، أو إغاثة ملهوف، أو التنفيس عن مكروب، وإنّ ذلك في الأكثر لضيق أحوالهم.

فقال لي أبو الحسن أحمد بن يوسف «١» : لقد كان يجيء الرجل من أهل العلم، فيجبى «٢» له من أصحابنا «٣» الألف الدرهم، والأقلّ، والأكثر، في يوم، لا يحتاج إلى أحد يخاطبه في ذلك، مع قلّة عدد أصحابنا إذ ذاك.

ولقد قدم رجل أردنا أن نرتبطه ليتعلّم، لجودة قريحته، وكان يحتاج إلى مائة درهم في كل شهر، فكلّمت إبراهيم بن [١٩٠ ط] خفيف الكاتب، صاحب ديوان النفقات، وكان من أصحابنا، ورجلا آخر من أصحابنا، فأجريا عليه مائة درهم في كل شهر، كلّ واحد منهما خمسين درهما، وكان الرجل يأخذها، إلى أن خرج من بغداد، سنين.

ولقد قال لي يوما بعض من حضر إلى مجلس أبي الحسن الكرخي «٤» [رضي