للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٠٠ طريقة أبي البيان المؤدّب في التدريس

ورأيته يوما عند معلّمي، في مكتبي، وقد حضر وقتا كان فيه المعلّم يأخذ علينا الشعر، وكانت عادته أن يقيم الصبيان صفا، فيطالبهم بإنشاد القصيدة.

فأقامهم في تلك العشيّة، وقد حضر أبو البيان، فقال له: يا أبا جعفر، ما هذا التفريط؟

قال: وكيف؟

قال: إنّ لي عادة في سياسة الصبيان، لا أرخّص لهم فيها، إن سألتني علمتك إيّاها.

فقال: افعل.

قال: تقدّم إلى صبيانك، أن يمتثلوا أمري، لأريك ذلك.

فقال لهم أبو جعفر: انظروا ما يأمركم به أبو البيان، فافعلوه.

فأقبل عليهم يخاطبهم في كلامه، فقال: لكم أقول أيها الصبيان، ولمن يجاوركم من الغلمان، إلى حدود الأحداث والفتيان، اسمعوا [١١٨] وعوا، فمن خالف بعد البرهان، أنزلت به غليظ الامتحان، تراصّوا في صفوفكم، والزقوا أقدامكم، وأقيموا ألواحكم، وأقبلوا عليّ بألحاظكم، وأحضروا فيما تنشدون قلوبكم، وارفعوا أصواتكم، وقولوا قول صبيّ واحد:

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل وصاح بالشعر مطرّبا.

فما ملك الصبيان الضحك، وضحك معلّمي معهم.