قال أبو علي: سمعت أبا محمد المهلبيّ «١» يتحدّث، وهو وزير، في مجلس أنس: أنّ رجلا كان ينادم بعض الكتّاب الظراف، وأحسبه قال ابن المدبّر «٢» ، قال:
كنت عنده ذات يوم، فرجع غلام له أنفذه في شيء لا أدري ما هو، فقال له ربّ الدار: ما صنعت؟
فقال: ذهبت، ولم يكن، فقام يجيء، فجاء، فلم يجىء، فجئت، قال: فتبيّنت في رب الدار تغيّرا، وهمّا، ولم يقل للغلام شيئا، فعجبت من ذلك.
ثم أخذ بيدي، وقال: قد ضيّق صدري، ما جاء به هذا الغلام، فقم حتى ندور في البستان الذي في دارنا ونتفرّج، فلعلّه يخفّ ما بي.
فقلت: والله، لقد توهّمت أنّ صدرك قد ضاق بانغلاق كلام الغلام عليك، وقد فهمته، وهذا ظريف.
فقال: إنّ هذا الغلام، أحصف وأظرف غلام يكون، وذاك أنّني ممتحن بعشق غلام أمرد، وهو ابن نجار من جيراننا، والغلام يساعدني عليه، وأبوه يغار عليه، ويمنعه منّي.
فوجّهت هذا الغلام، وقلت: إن لم يكن أبوه هناك، فقل له يصير إلينا.