ودخل عليه كاتبه أبو الحسين، فوجده يبكي بكاء شديدا، ويقول:
وا انقصام ظهراه، واهلاكاه.
فقلت: ما للشريف، لا أبكى الله عينه؟
فقال: ماتت الكبيرة، يريد أمّه، وكان بارّا بها.
فقلت: ماتت؟
قال: نعم.
فشققت جيبي، وأظهرت من الجزع ما يجب لمثلي، ثم إنّي أنكرت الحال، إذ لم أجد لذلك دليلا. لا أحد يعزّيه، ولا في الدار حركة، فبقيت حائرا حتى أتت الخادمة، فقالت: الكبيرة تقرؤك السلام، وتقول لك:
أيش تأكل اليوم؟
قال: قولي لها، ومتى أكلت قط بغير شهوتك؟
فقلت: يا سيدي، والكبيرة في الحياة؟
فقال: وأيش تظن أنها ماتت من حق؟ إنّما رأيت البارحة في المنام، كأنّها راكبة على حمار مصري، تسقيه من النيل، فذكرت قول الشاعر: