للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١٣٣ لقد ذهب الحمار بأم عمرو]

ودخل عليه كاتبه أبو الحسين، فوجده يبكي بكاء شديدا، ويقول:

وا انقصام ظهراه، واهلاكاه.

فقلت: ما للشريف، لا أبكى الله عينه؟

فقال: ماتت الكبيرة، يريد أمّه، وكان بارّا بها.

فقلت: ماتت؟

قال: نعم.

فشققت جيبي، وأظهرت من الجزع ما يجب لمثلي، ثم إنّي أنكرت الحال، إذ لم أجد لذلك دليلا. لا أحد يعزّيه، ولا في الدار حركة، فبقيت حائرا حتى أتت الخادمة، فقالت: الكبيرة تقرؤك السلام، وتقول لك:

أيش تأكل اليوم؟

قال: قولي لها، ومتى أكلت قط بغير شهوتك؟

فقلت: يا سيدي، والكبيرة في الحياة؟

فقال: وأيش تظن أنها ماتت من حق؟ إنّما رأيت البارحة في المنام، كأنّها راكبة على حمار مصري، تسقيه من النيل، فذكرت قول الشاعر:

لقد ذهب الحمار بأم عمرو

الملح والنوادر للحصري ٢٢٣