وكان عندنا بالبصرة، رجل من التجّار، مستور، يعرف بأبي عليّ ابن سعدان، أحد الباعة في دار البطّيخ «١» ، موسر، يركب، وينبسط «٢»[١٠٨] في المجالس، وفي الكلام.
فأخبرني أبو طلحة الأزدي، صاحب بني المثنى «٣» ، شيخ مستور، قال:
رأيته مرّة، ونحن جلوس في دهليز جعفر بن عبد الواحد القاضي «٤» ، ننتظر الإذن عليه، وقد حضرت العصر، فقام كلّ واحد منا، فصلى، وقام ابن سعدان، فصلى صلاة، لم أر قط أسخف منها.
فقلت له: يا أبا عليّ، هذه ليست صلاة، فأحسن صلاتك، فإنّ هذه الصلاة، كما قال ابن المعتزّ:
صلاتك بين الملا نقرة ... كما اختلس الجرعة الوالغ
فقال لي: يا أبا طلحة، أعزّك الله، هذا فضول لا نعرفه، نحن نصلّي صلاة التجّار.
فقلت له: هذا أعجب، كأنّ الله عزّ وجلّ، فرض على التجّار صلاة غير الصلاة التي فرضها على سائر عباده؟