حكي أنّ ابن الفرات اجتاز يوما ببعض الطرق، فاتّفق أن سار تحت ميزاب، فوقع عليه منه ما لوّث ثيابه، وسرجه، ودابته، فوقف في الطريق، وأنفذ إلى داره من يحضره خلعة ثياب أخرى، فرآه رجل عطّار كان في الموضع، فقام إليه، وسأله أن يدخل إلى منزله، ويقيم فيه، إلى أن يعود الرسول بالثياب، ففعل، وأقام عنده، وخلع ما كان عليه، وتنظّف بالماء مما كان أصابه، وأحضره الغلام الثياب، فلبسها، ثم سأله العطار، أن يأذن له في إحضار بخور يتبخّر به، فأذن له، وركب أبو الحسن.
ومضت الأيام، فلمّا ولي الوزارة، كانت حال العطّار قد اختلّت، ورزحت «١» .
فقالت له زوجته: لو مضيت إلى الوزير، وتعرّفت عليه بخدمتك كانت له «٢» ، لرجوت أن ينظر في أمرك نظرا يغيّر به حالك.
فأعرض عن قولها، واستبعد الأمل ممّا ذكرته.
ثم ألحّت عليه في القول، فمضى، ودخل دار أبي الحسن، وتعرّض له، إلى أن رآه، فأمسك، وانصرف.
فعرّف زوجته ما جرى، فأشارت عليه بالعود.
فعاد ومعه رقعة يستميحه فيها، ولم يزل حتى وجد فرصة، فعرضها عليه، فلمّا وقف عليها، قال: سل حاجة، تقض لك.