للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣٤ الوزير ابن مقلة يتبرّم برقاع ذوي الحاجات

حدّثني الحسين [٣٠ ب] بن الحسن الواثقيّ، قال:

كنت أرى دائما، أبا محمد جعفر بن ورقاء «١» ، يعرض على أبي عليّ ابن مقلة «٢» ، في وزارته، الرقاع الكثيرة، في حوائج الناس، في مجالس حفله وخلوته، فربّما تجاوز ما يعرضه في يوم، مائة رقعة.

فعرض عليه يوما، في مجلس خال، شيئا كثيرا، فضجر أبو عليّ، وقال له: إلى كم يا أبا محمد؟

فغضب جعفر، وقال: أيّد الله الوزير، إن كان فيها شيء لي فخرّقه، إنّما أنت الدنيا ونحن طرق إليك، وعلى بابك الأرملة، والضعيف، وابن السبيل، والفقير، ومن لا يصل إليك، فإذا سألونا سألناك، فإن صعب هذا عليك، أمرنا الوزير- أيّده الله- أن لا نعرض عليه شيئا، ونعرّف الناس ثقل حوائجهم عليه، وضعف جاهنا عنده، ليعذرونا.

فقال له أبو عليّ: لم أذهب حيث ذهبت يا أبا محمد، وإنّما أردت أن تكون هذه الرقاع الكثيرة في مجلسين، أو مجلس يحضر فيه الكتّاب فيخفّفون عنّي بالتوقيعات فيها، ولو كانت كلّها حوائج تخصّك لقضيتها، وكان سروري بذلك أعظم، هاتها.

قال: فأخذها جميعها، ووقّع له فيها بما التمس أرباب الرقاع.

فشكره جعفر، وقبّل يده، وانصرف.