وشرب مرة أخرى عند أبي زنبور الكاتب «١» ، ومعه ابن المادرائي «٢» ، وحضر القيان فغنّين أطيب غناء، فقام الشريف إلى قضاء الحاجة، فأتت دابة ابن المادرائي، فانصرف، والشريف في الخلاء، فقضى حاجته، وعاد إلى موضعه.
وكان أبو زنبور، لما انصرف أبو بكر، جلس في دسته، فالتفت إليه الشريف، وقال: يا أبا بكر، هذا الكلب، أبو زنبور، عنده مثل هذا السماع الطيب، ولا يمتعنا به كل وقت؟ إنّما يدعونا من مدة إلى مدة.
فقال له أبو زنبور: هو على قدر ما يتّفق له من الفراغ، وهو مشتغل مع سلطانه، في أكثر أيامه.
قال: لا والله، ما هو إلا كلب كلب، فاعل، صانع.
فقال له: أعز الله الشريف، أبو بكر انصرف، وأنا أبو زنبور.
فقال له: اعذرني، والله، ما ظننتك إلا ابن المادرائي.