للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٦ حرمة القضاء في العهد العباسي]

قال التنوخيّ: وأخبرني بعض شيوخنا، عنه «١» :

إنّه كان جالسا للحكم، في المسجد الجامع بسوق الأهواز، فاجتاز بباب الجامع عامل الكور، فرأى جمع الناس. فقال: ما هذا؟

قالوا: هذا القاضي.

قال: هذا كلّه لأبي جعفر؟

فنقلت الحكاية إليه، فقطع النظر، وانصرف إلى داره، وكتب إلى السلطان يومئذ، يقول: إنّ فلانا العامل، اجتاز بي، وأنا أنظر في الحكم في المسجد الجامع، فذكرني بحضرة العامّة، بالكنية دون اللقب، ذكر المزري عليّ، المانع لي من التشريف الذي البسنيه أمير المؤمنين، وإنّ الذي أنظر فيه إنّما هو انتزاع أموال الناس، التي فيها يتهالكون، وعليها يتقاتلون، وأنا أنتزعها بالهيبة والكرامة.

فخرج أمر السلطان، بأن يضرب ذلك العامل، على باب المسجد بالأهواز ألف سوط.

فلما وقف على ذلك، خليفة العامل بالحضرة، اجتهد في إزالته بكل حيلة، فما أمكنه.

فبذل للفيج «٢» الحامل للكتاب، مائة دينار، ليتأخر عن النفوذ، ليلة واحدة، ثم بادر برسوله إلى العامل، يصف ما جرى، وما فعله من استنظار الفيج، ليقدّم الحيلة في الدفع عن نفسه.