للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١٤٤ المعتضد يسدد دين نديمه مرتين]

وحدّثني أبو محمد قال: حدّثني أبو جعفر، قال: حدّثني أبو محمد ابن حمدون، قال:

كان عليّ دين ثقيل، مبلغه خمسة آلاف دينار، ولم يكن لي وجه قضائه، ولم تكن القضاة تعدي عليّ «١» ، لملازمتي المعتضد.

فجلس المعتضد للمظالم بنفسه مجالس عدة، فتظلّم إليه منّي غرمائي.

فأحضرني، وسألني عن الدين، فأقررت به عنده للقوم.

ففكّر المعتضد في حبسي به لهم، فيبطل أنسه بي، ويتحدّث عنه إنّه بخل بقضاء دين نديم له، ورأى أن يلتزم المال.

ثم قال للغرماء: المال عليّ، ووقّع لهم [به] «٢» في الحال.

فأخذوه، وانصرفوا.

فلما خلونا، قال: يا عاضّ كذا «٣» ، أيّ شيء كانت هذه المبادرة إلى الإقرار، ما قدرت أن تجحد، ولا أغرم أنا المال، ولا تحبس أنت؟

فقلت: لم أستحلّ ذلك، وكيف أجحد قوما في وجوههم، وقد أعطوني أموالهم؟

قال: ومضت على هذا مديدة، فأضقت، فاستدنت ألوفا أخرى دنانير، أقلّ من تلك، وطولبت بها، فدافعت، لأن دخلي لم يكن يفي بنفقتي، وما أقيم من المروءة، أكثر من قدر حالي، فما كان لي وجه أقضي منه الدين.