للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٥٨ شقيقان عشيقان]

أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز، قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني إبراهيم بن علي النصيبي، قال: حدّثني أبو بكر النحوي، قال: حدّثني أبو علي بن فتح، قال: حدّثني أبي، قال:

كنت سنة من السنين جالسا في دربي، إذ دخل شاب حسن الوجه والهيأة، وعليه أثر نعمة، فسأل عن دار فارغة في الدرب يكتريها، وكان أكثر الدرب لي.

فقمت معه إلى دار فيه كبيرة حسنة فارغة، فأريته إياها، فاستحسنها، ووزن لي أجرتها لشهر، وأخذ المفتاح.

فلما كان من غد، جاء ومعه غلام، ففتحا الباب، وكنس الغلام الدار، ورشّ، وجلس هو، ومضى الغلام، وعاد بعد العصر، ومعه عدّة حمّالين وامرأة، فدخلوا الدار، وأغلق الباب، فما سمعنا لهم حركة.

وخرج الغلام قبل العشاء، وبقي الرجل والمرأة في الدار، فما فتحا الباب أياما.

ثم خرج إليّ في اليوم الرابع، فقلت: ويحك، ما لك؟

فأومأ إليّ أنّه مستتر من دين عليه، وسألني أن أندب له رجلا، يبتاع له كلّ يوم ما يريده، دفعة واحدة، ففعلت.

فكان يخرج في كلّ أسبوع، فيزن دراهم كثيرة، فيعطيها للغلام الذي نصبته له، ليشتري له بها ما يكفيه لطول تلك الأيام، من الخبز، واللحم والفاكهة، والنبيذ، والأبقال، ويصبّ الماء في الحباب الكثيرة، التي قد أعدّها لتلك الأيام، ولا يفتح الباب، أو ينقضي ذلك الزاد.