كان للأعمش «١» كلب يتبعه في الطريق إذا مشى، حتى يرجع، فقيل له في ذلك، فقال: رأيت صبيانا يضربونه، ففرقت بينهم وبينه، فعرف لي ذلك فشكره، فإذا رآني يبصبص لي، ويتبعني.
ولو عاش- أيدك الله- الأعمش إلى عصرنا، ووقتنا هذا، حتى يرى أهل زماننا هذا، ويسمع خبر أبي سماعة المعيطي ونظائره، لازداد في كلبه رغبة، وله محبة.
قال: هجا أبو سماعة المعيطي، خالد بن برمك «٢» ، وكان إليه محسنا، فلما ولي يحيى «٣» الوزارة، دخل إليه أبو سماعة، فيمن دخل من المهنئين.
فقال: انشدني الأبيات التي قلتها.
فقال: ما هي؟
قال: قولك:
زرت يحيى وخالدا مخلصا لل ... هـ ديني فاستصغرا بعض شاني
ولو انّي ألحدت في الله يوما ... أو لو انّي عبدت ما يعبدان