للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنّ شكلي وشكل من جحد الل ... هـ وآياته لمختلفان

قال أبو سماعة: لا أعرف هذا الشعر، ولا من قاله.

فقال له يحيى: ما تملك صدقة إن كنت تعرف من قالها؟ فحلف.

فقال يحيى: وامرأتك طالق، فحلف.

فأقبل يحيى على الغساني، ومنصور بن زياد، والأشعثي، ومحمد بن محمد العبدي- وكانوا حضورا في المجلس- وقال: ما أحسبنا إلّا وقد احتجنا أن نجدد لأبي سماعة منزلا، وآلة، وحرما، ومتاعا، يا غلام:

ادفع له عشرة آلاف درهم، وتختا فيه عشرة أثواب، فدفع إليه.

فلما خرج تلقّاه أصحابه، يهنئونه، ويسألونه عن أمره، فقال: ما عسيت أن أقول إلّا أنه ابن زانية أبي إلّا كرما.

فبلغت يحيى كلمته من ساعته، فأمر به، فحضر، فقال له يا أبا سماعة، لم تعرق في هجائنا، وتغرق في شتمنا؟

فقال له أبو سماعة: ما عرّفته أيها الوزير، افتراء وكذب عليّ.

فنظر إليه يحيى مليّا، ثم أنشأ يقول:

إذا ما المرء لم يخدش بظفر ... ولم يوجد له أن عضّ ناب

رمى فيه الغميزة من بغاها ... وذلّت من قرائنه الصعاب

فقال أبو سماعة: كلّا أيها الوزير، ولكنّه كما قال:

لم يبلغ المجد أقوام وإن شرفوا ... حتى يذلّوا، وإن عزّوا، لأقوام

ويشتموا فترى الألوان مسفرة ... لا صفح ذلّ ولكن صفح أحلام

فتبسّم يحيى، وقال: إنّا عذرناك، وعلمنا أنّك لن تدع مساوىء شيمك، ولؤم طبعك، فلا أعدمك الله ما جبلك عليه من مذموم أخلاقك،