حدّثني أبو الطيّب محمد بن أحمد بن عبد المؤمن، الوكيل على أبواب القضاة بالأهواز، قال: قال لي بعض المكدّين «١» ببغداد، عن شيخ لهم أيسر، وعظمت حالته، حتى استغنى عن الشحذ، فكان يعلّمهم ما يعملون، فسألناه عن سبب نعمته، فقال:
كنت تعلمت السريانية، حتى كنت أقرأ كتبهم التي يصلّون بها.
ثم لبست زيّ راهب، وخرجت إلى سرّ من رأى، وبها قوّاد الأتراك، فاستأذنت على أحدهم، فأدخلت.
فقلت له: أنا فلان الراهب، صاحب العمر الفلاني «٢» ، وذكرت عمرا بعيدا بالشام، وأنا راهب فيه منذ ثلاثين سنة.
وكنت نائما، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلّم، وكأنّه قد دخل إلى عمري، فدعاني إلى الإسلام، فأجبته.
فقال لي: امض إلى فلان القائد، حتى يأخذ عليك الإسلام، فإنّه من أهل الجنة، فجئت لأسلم على يديك.
قال: ففرح التركي فرحا عظيما شديدا، ولم يحسن أن يأخذ عليّ الإسلام، فتعتع في كلامه، وقطعت الزنّار وأسلمت بحضرته.
قال: فوصلني ما قيمته خمسة آلاف درهم، من الدراهم، والثياب، وغيرها وعدت إلى منزلي.