للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما كان من غد، بكّرت إلى قائد منهم، بزيّ الرهبان، وقلت له، كما قلت للأوّل، وأعطاني أكثر من ذلك، حتى طفت على جماعة منهم، فحصل لي من جهتهم أكثر من خمسين ألف درهم.

فلما كان في بعض تلك الأيّام، صرت إلى أحدهم، واتّفق أنّه كانت عنده دعوة، فيها وجوههم، فلمّا دخلت، وقصصت الرؤيا، وتأمّلتهم، وإذا في الجماعة واحد ممّن كنت لقيته بالرؤيا.

قال: فقامت عليّ القيامة، فلما فرغت من حديث الرؤيا، وأظهرت الإسلام على يد التركي، وأمر لي بالجائزة، وخرجت، أتبعني ذلك القائد بغلامه.

فلما بعدت عن الدار، قبض عليّ [١١٠] ، وحملني إلى منزل التركي الأول، فقامت قيامتي، وأحسست بالمكروه، وبذلت للغلام جميع ما كان معي، ليدعني أنصرف، فلم يفعل.

وجاء التركي، وهو منتش «١» ، فقال: «يابا، حصلت تسخر بالأتراك واحد واحد، وتأخذ دراهمهم» «٢» ؟

قال: فقلقت فزعا، وقلت: يا سيدي، أنا رجل صفعان، فقير، مكدّ، وأنا فعلت هذا لآخذ شيئا.

قال: فقال لي: أظننت أنّني أفضحك في بلدك؟ ما كنت بالذي أفعل، وقد جازت السخرية عليّ، حتى تجوز على الجماعة، كما جازت عليّ، ولكن أليس أنت؟

قال: فطايبته، وتصفّعت له، فضحك منّي، واستدعى بالنبيذ،