للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١٧٥ أبو الحسن الأهوازي وسابور ذو الأكتاف]

جرى الحديث يوما بحضرة أبي، في البخل والبخلاء، واختصاص الملوك بذلك، وكان أبو الحسن مطهّر بن إسحاق بن يوسف الأهوازيّ الشاهد حاضرا، فقال:

دخلت يوما إلى أبي عبد الله البريديّ، وقد نصبت مائدته، فاستدعاني إليها، وكنت جائعا، فأقبلت آكل منبسطا.

فقدّم جدي مشويّ حار، فضربت يدي إلى كتفه، فأكلتها.

ثم قدّم بعده ألوان أخر، وجدي بارد، فضربت يدي إلى كتفه فأكلتها.

ثم قدّم بعده ألوان، وقدم جدي مبزّر «١» ، فأخذت الكتف فأكلتها.

ثم جدي بماء وملح، فجئت لآخذ الكتف، فسبقتني يد أبي عبد الله إليه، فكففت يدي.

فقال لي: يا أبا الحسن، أنت اليوم سابور ذو الأكتاف.

فاستحييت، وخجلت، وعلمت أنّه ما قالها إلّا من غيظ، فقصّرت.

وتوقّيت بعد ذلك مواكلته.

فقال أبي: ما كان [١٨٢ ب] أبو عبد الله بخيلا على الطعام، وإنّما كان نهما «٢» ، شديد الجوع، وكان في أوّل أكله، وإلى وسطه، يلحقه هذا [٢٠٩ ط] النهم، وربما أطلق ما يشبه هذا، فيظنّ من لا يعرف طبعه أنّه بخيل، ويحتاج من يواكله إلى التقصير، حتى يمضي نصف أكله.

فإذا مضى نصف أكله، انبسط، وانطلق وجهه، وساءه وغمّه أن يقصّر من يحضر في مواكلته، وقال: هوذا ينسبوني إلى البخل ثم لا يأكلون.