للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٨٤ الوزير المهلبي يفاضل بين ابن عبد الواحد والزينبي]

وحدّثني «١» ، قال: سمعت أبا الحسين بن نصرويه، يقول:

حضرت مجلس المهلبيّ، وقد دخل إليه جعفر بن عبد الواحد، فلقيه بوجه مقطب، وقصر به، ثم جلس، وأخرج من كمّه رقعة، فتأملت التثاقل والتكرّه في وجهه، فقرأها، ووقّع فيها، ثم أخرج أخرى، وأخرى، إلى أن عرض عليه عدّة رقاع، فوقّع، وكلّما وقّع في واحدة، انبسط وجهه في وجه ابن عبد الواحد، إلى أن تكاملت الرقاع.

ثم قام ابن عبد الواحد، ودخل أبو تمام الزينبيّ، فرفعه المهلّبيّ، أتمّ رفعة، واهتشّ له، وأقبل عليه بوجهه، فأخرج رقعة فعرضها عليه، فوقّع له، وأخرج عدّة رقاع، وكان [١٠٢] كلّما أخرج رقعة، ووقّع فيها، ظهر في وجهه الكراهية والتثاقل، إلى أن فرغ من الرقاع. فأخذها أبو تمام، وقام.

فأقبل المهلّبي، وقال: يا أبا الحسين، شتّان بين الرجلين، دخل إليّ ابن عبد الواحد فعملت على أن أقصيه، بما عاملته من قلّة الرفع والتقرّب، فعرض عليّ أوّل رقعة، فاعتقدت قبل قراءتها أن أردّها، فلما قرأتها، وجدتها لحاجة غيره، فاستحييت أن يكون أكرم منّي، وقد بذل جاهه لمن سأله سؤالي، مع ما يعلمه بما له عندي، فما منعه ذلك أن يستميح بجاهه للسائل، وأبخل أنا بما أقدر عليه، فيكون أكرم منّي، فأنفت من ذلك، ووقّعت له، ثم توالت رقاعه، فوجدت جميعها في حوائج الناس، ما له