للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١٥٨ أنموذج من إسراف الخليفة المقتدر]

أخبرني أبو القاسم الجهنيّ:

إنّ المقتدر أراد الشرب على نرجس في بستان لطيف، في صحن دار من صغار صحونه.

فقال بعض من يلي أمر البستان: سبيل هذا النرجس أن يسمّد قبل شرب الخليفة عليه بأيّام، فيحسن ويقوى.

فقال هو: ويلك، يستعمل الخرء في شيء بحضرتي وأريد أن أشمّه؟

قال: بهذا جرت العادة في كل ما يراد تقويته من الزروع.

فقال: وما العلّة في ذلك؟

قال: لأنّ السماد يحميه، فيعينه على النبات والخروج.

قال: فنحن نحميه بغير السماد، وتقدّم، فسحق من المسك بمقدار ما احتاج إليه البستان من السماد، وسمّد به.

وجلس يشرب عليه يومه وليلته، واصطبح من غده عليه، فلما قام، أمر بنهبه.

فانتهب البستانبانون «١» والخدم، ذلك المسك كله من أصول النرجس، واقتلعوه مع طينه، حتى خلّصوا المسك، فصار البستان قاعا صفصفا.

وخرج من المال شيء عظيم في ثمن ذلك المسك.