كنت قد ركبت مع نفر من بني قشير، بالموصل، فحملوني إلى حيّ لهم بالبادية، على أيام منها، فأقمت في الحيّ شهورا.
فكنت يوما جالسا، فرأيت فتى بدويّا يسمى بعسّاف، حدث السنّ، [٧٣] حسن الوجه، راكبا.
فقال لي صاحب البيت: هذا رجل من بني نمير، وهو جار لنا، وهو شاعر، فنحبّ أن تسمع من شعره.
فقلت: نعم.
فسأله النزول، فنزل، وذاكرته بالشعر، فوجدته كثير الرواية لأشعار البادية، في زمانه، فما أنشدني بيتا أعرفه، ولا نسب شيئا ممّا أنشدنيه إلى شاعر أعرفه، متأخّر أو متقدّم، ووجدته لا يلحن البتّة.
وأنشدني شيئا كثيرا، فعلق بحفظي من ذلك، قصيدة، استعدته إياها دفعات، حتى حفظتها، وقد شذّ عني منها أبيات.
قال: وكان هذا، في سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، واسم الشاعر عسّاف النميري، قال: ولا أعرف اسم أبيه، ولا نسبه.