[١٢١ المتنبي يحفظ كتابا من ثلاثين ورقة قرأه مرة واحدة]
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، قال: أخبرنا عليّ بن المحسّن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني أبو الحسن محمد بن يحيى العلوي قال:
كان المتنبي، وهو صبي، ينزل في جواري بالكوفة، وكان أبوه يعرف بعبدان السقاء، يستقي لنا ولأهل المحلّة.
ونشأ هو محبّا للعلم والأدب، وصحب الأعراب، فجاءنا بعد سنين بدويّا قحّا، وكان تعلّم الكتابة والقراءة، وأكثر من ملازمة الورّاقين.
فأخبرني ورّاق كان يجلس إليه، قال لي: ما رأيت أحفظ من هذا الفتى ابن عبدان.
قلت له: كيف؟
قال: كان اليوم عندي، وقد أحضر رجل كتابا من كتب الأصمعي، نحو ثلاثين ورقة، ليبيعه، فأخذ ينظر إليه طويلا.
فقال له الرجل: يا هذا أريد بيعه، وقد قطعتني عن ذلك، وإن كنت تريد حفظه، فهذا إن شاء الله يكون بعد شهر.
فقال له: فإن كنت قد حفظته في هذه المدة، ما لي عليك؟
قال: أهب لك الكتاب.
قال: فأخذت الدفتر من يده، فأقبل يتلوه عليّ إلى آخره، ثم استلمه، فجعله في كمّه.