للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٤٣ مثل من الأمانة]

وحدّثني، قال: حدّثني أبو الحسن محمّد بن إسحاق بن عبّاد النجار، وهو شيخ من وجوه التمّارين بالبصرة، طال عمره، وحدّث، وكتبت عنه، ولم أسمع هذه الحكاية منه، قال:

كان في جوارنا فلان، فتصدّق ليلة على ضرير اجتاز به، وهو لا يعرفه، فأراد أن يفتح [٤٦] إحدى صرتين في كمّه، في إحداهما دنانير، وفي الأخرى دراهم، فيعطيه درهما، فأعطاه دينارا.

وانصرف الضرير، وهو لا يشكّ أنّ معه درهما.

فبكّر به إلى بقال يعامله، فقال: خذ هذا الدرهم، واحسب ما لك عليّ، وأعطني بالباقي كذا وكذا.

فقال له البقال: يا هذا، من أين لك هذا؟

قال: أعطانيه البارحة فلان.

قال: إنّه دينار، فخذه.

فأخذه الضرير، وجاء به من الغد إلى الرجل، وقال: إنّك تصدّقت عليّ بهذا، وأظنّك أردت أن تعطيني درهما، وغلطت، وما أستحلّ أخذه مغالطة، فخذه.

فقال له الرجل: قد وهبته لك، وإذا كان في رأس كلّ شهر، فتعال إليّ، أعطيك شيئا آخر، مجازاة لأمانتك.

وكان يجيئه في رأس كل شهر، فيعطيه خمسة دراهم.

قال: فلم أر أعجب من أمانة البقّال والضرير، ولو كان في هذا الوقت، لجرى الأمر بضدّ ذلك [٤٧] .