فقال: يا سيدي، إنّما أنا صانع، وعلى قدر ما أعطى، أعمل، وقد سألت المنفق أن يشتري لي ما أحتاج إليه، فتأخّر عنّي، فعملت على غير تمكّن، فجاء التقصير كما ترى.
فقال: عليّ بالمنفق.
فأحضر. فقال: مالي قليل؟
قال: لا يا سيّدي، بل عندك نعم واسعة.
قال: فما لك تضايقنا في النفقة؟ ولا توسّع كما وسّع الله علينا؟
قال: يا سيدي، إنّما أنفق ما أعطى، وقد سألت الجهبذ أن يدفع لي، فتأخّر عني.
قال: عليّ بالجهبذ.
فأتي به، فقال: ما لك لم تدفع للمنفق شيئا؟
قال: لم يوقع لي الكاتب.
فقال للكاتب: لم لم تدفع إليه شيئا؟
فتلعثم في الكلام، ولم يكن عنده جواب.
فقال للكاتب: قف هنا، فوقف، ووقف خلفه الجهبذ، ووقف خلف الجهبذ المنفق، وخلف المنفق الطباخ.
وقال: نفيت من العباس، إن لم يصفع كل واحد منكم، من يليه بأكثر ما يقدر عليه. فتصافعوا.
قال: فخرجت، وأنا متعجّب من غباوته، ورقاعته في هذا الحكم.