للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أشر الناس، يكتب لرجل، ويتخلّفه بمثل هذا الكتاب، فلعلّه أن يلحقني [٢٣٦] يوما، شرّ من هذا الرجل، فأدفعه بهذا الكتاب، أو أنعى عليه عيوبه، فمسحت آثار الناطف منه، واحتفظت بالكتاب، فهو عندي منذ كذا وكذا سنة، فلمّا حدّثني الوزير الآن بهذا الحديث، علمت أنّه موضع إظهار الكتاب، فأظهرته.

فلما انصرف ابن الفرات عن المجلس، قال ابن فراس، للقاسم- وكان يشنعه عنده دائما، فلا يلتفت إليه- قد بان لك مقدار شرّ ابن الفرات، هذا شرّ عليك من الحسين بن عمرو، لأنّه عدوّ مدغل، مندسّ بين ثيابك، والحسين، كان عدوّا مكاشفا، وأنت على اتّقائه أقدر، ما يؤمنك أن يكون ابن الفرات، قد تحفّظ عليك، في مدة استرسالك إليه، ما هو أكثر من هذا، أو قد حصل خطّك بألوان من الذمّ، وأنت ناس، كما فعل بالحسين ابن عمرو؟ ما يؤمنك أن يكون عنده من خطوطك، أو خطوط أبيك، ما يجري هذا المجرى؟ فإنّ الناس، ربما سخطوا على أصحابهم، واستأمنوا إلى بثّهم عند نصحائهم، وإنّما يترقّب منك ابن الفرات [٢٣٧] ، إعراضا، أو أدنى خلاف عليه في شيء لا يؤثره، وتؤثره أنت، فيظهر للخليفة عنك، وعن أبيك، ما هو أعظم من هذا، فتهلك، وإن أمسكت عنه، فأنت ربيب في حجره، وعنده أنّه قد ردّك إلى الوزارة برأيه، ويقتطع الدنيا، ويفوز بها، وبفائدتها، وتكون التبعة عليك، وإن أوحشته، قتلك بمثل هذا الفعل، فاقبل رأيي، وعاجله، واحتل عليه، بسمّ تدسّه إليه، وتتخلّص منه.

قال: فوقع ذلك في نفس القاسم. وما زال ابن فراس يقوّي رأيه، إلى أن عمل له سمّا في تفّاحة، وأشمّه إيّاها، فأتلفته.

وكان هذا الكتاب، أشأم كتاب سمع به.