للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سائر الأعمال، ودبّره بنفسه، وكتّابه، واستناب أخاه أبا الحسن عليّ ابن محمد بن الفرات فيه، واصطنع كتّابا، قلّدهم مجالسه، منهم أبو الحسن عليّ بن عيسى، وأبو عبد الله محمد بن داود بن الجراح، عمّه، فكانا يجلسان بحضرة أبي الحسن، ويأمرهما وينهاهما، ويسمّيانه أستاذنا، على رسم أصحاب الدواوين إذ ذاك.

وجرى الأمر على هذا الترتيب، إلى أن عزم المعتضد بالله، على إخراج المكتفي بالله، إلى الجبل، ومعه عبيد الله بن سليمان، والخروج بنفسه إلى آمد والثغور، ومعه القاسم بن عبيد الله.

فقال عبيد الله، لأبي العباس بن الفرات: أريد كاتبا يصحبني، ويتصفّح أعمال كلّ بلد نفتحه، ويقرّر معاملاته، على ما يدلّ عليه الديوان القديم من رسومه.

فقال: ذاك محمّد بن داود، وإليه في ديوان الدار، مجلس ما فتح من أعمال المشرق، وفيه الحسبانات العتيقة.

وقال القاسم: وأنا أريد آخر يكون معي إلى المغرب.

فقال: يكون عليّ بن عيسى.

وخرج محمد بن داود، وعليّ بن عيسى، في جملة عبيد الله، والقاسم، فنفق محمد على عبيد الله، وقرب منه، واختصّ به، ورأى من فضله، وصناعته، ما أعجبه، وانتهى أمره معه إلى أن زوّجه عبيد الله بنته، وانتزع مجلس المشرق، من ديوان الدار، وجعله ديوانا مفردا، وقلّده محمد بن داود، رئاسة.

وحصلت لعليّ بن عيسى حرمة بالقاسم، وشاهد من كفايته، وسداده، وكتابته، ونفاذه، ما عظم به في عينه، فقدّمه، وتوفّر عليه، وفعل مثل فعل أبيه مع محمد بن داود، في انتزاع مجلس المغرب من ديوان الدار،