لطيف، فاعرفه، حتى إذا سئلت عنه، وافقتني فيه، وتركني وانصرف.
وجلست مكاني طويلا، وعندي أنّني مقبوض عليّ، ثم حملت نفسي على أن أقوم وأسبر «١» الأمر.
وقمت، وخرجت من الخيمة، فدعا البوابون دابّتي على العادة، ورجعت إلى خيمتي منكسر النفس، منكسف البال.
فصار الوقت الذي أدعى فيه للخدمة، فجاءني رسول ابن الحلّاج على الرسم، وحضرت المجلس، فلم يرفع الملك إليّ طرفا، ولا لوى إليّ وجها، ولم يزل الحال على ذلك خمسة وأربعين يوما.
ثم استدعاني، وهو في خركاه، وبين يديه أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف «٢» ، وعلى رأسه أبو الثناء شكر الخادم «٣» .
فقال: ويلك، اصدقني عمّا حكاه أبو الفضل بن أبي أحمد.
فقلت: كذب منه، ولو ذكرت لمولانا ما يقوله، لما أقاله العثرة.
فقال: أومن حقوقي عليكم، أن تسيئوا غيبتي، وتتشاغلوا بذكري.
فقلت: أمّا حقوق النعمة فظاهرة، وأمّا حديثك فنحن نتفاوضه دائما.
فالتفت إلى أبي القاسم، وقال: اسمع ما يقول.
فقال له بالفارسية، وعنده أنّني لا أعرفها: هؤلاء البغداديّون مفتونون، ومفسدون، ومتسوّقون «٤» .