للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقلت: السمع والطاعة.

فلما كان من الغد شهر ابن أبي الساج ببرنس «١» ، فبدأت، فقرأت، وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ

«٢» وأتبعتها بكل ما في القرآن من هذا الجنس.

قال: وحانت مني التفاتة، فوجدت ابن أبي الساج يبكي.

ومضى ذلك اليوم.

فلمّا كان بعد أيّام، رضي عنه السلطان، بشفاعة مؤنس، فأطلقه إلى داره.

فأنا كنت يوما بحضرة مؤنس أقرأ، إذ استدعاني وقال لي: قد طلبك اليوم ابن أبي الساج، فامض إليه.

فقلت له: أيّها الأستاذ، الله، الله، فيّ، لعلّه وجد في نفسه من قراءتي ذلك اليوم.

فضحك، وقال: امض إليه.

فمضيت إليه، فرفعني، وأجلسني، وقال: أحبّ أن تقرأ تلك الآيات التي قرأتها بين يديّ يوم كذا.

فقلت: أيّها الأمير، تلك حالة اقتضت ذلك، وليس مثلك بمؤاخذ مثلي عليها، وقد كشفها الله الآن، ولكن أقرأ لك غيرها.

فقال: لا، إلّا تلك، فإنّه تداخلني لها خشوع وخوف، أحبّ أن أكسر به نفسي، فردّد سماعها عليّ.

قال: فاستفتحت، فقرأتها، فما زال يبكي وينتحب، إلى أن قطعت القراءة.