فقالت: تعالي معي، وقامت، وأنا معها، وعدّة جوار حتى دخلت.
وكانت عادته إذا رآها أن يقوم لها قائما، ويعانقها، ويقبّل رأسها، ويجلسها معه في دسته.
قالت: فحين رآها، قام، وأجلسها معه، وقال: يا ستّي- وهكذا كان يخاطبها- ليس هذا من أوقات تفضّلك وزيارتك.
فقالت: ليس من أوقاتي.
ثم حدّثته ساعة، وقالت: يا نظم، متى عزم ابنك يوسف، على تطهير ابنه؟
قلت: غدا يا ستّي.
فقال الخليفة: يا ستّي إذا كان يحتاج إلى شيء آخر، أمرت به.
فقالت: هو مستكف، داع، ولكن قد التمس شيئا، ما أستحسن خطابك فيه، قال: أريد أن أشرف على أهل المملكة كلهم، ويرى عندي ما لم ير في العالم مثله.
قال: وما هو؟
قالت: يا سيّدي، يلتمس أن تعيره القرية، فإذا رآها الناس عنده، ارتجعت.
فقال: يا ستّي، والله هذه ظريفة، يستعير خادم لنا شيئا، وتكونين أنت شفيعه، فأعيره، ثم أرتجعه؟ هذا من عمل العوامّ، لا الخلفاء، ولكن إذا كان محلّه من رأيك هذا، حتى حملت نفسك على خطابي فيه، وتجشّمت زيارتي، وأنا أعلم أنّه ليس من أوقات زيارتك، فقد وهبت له القرية، فمري بحملها، بجميع آلاتها إليه، وقد رأيت أن أشرّفه بشيء آخر.