أنفق على ما قلع من التراب إلى هذه الغاية، وبناء هذه المسناة، مع ثمن ما ابتيع من الدور واستضيف؟
قلت: أظنّه شيئا كثيرا.
فقال لي: هو إلى وقتنا هذا، تسعمائة ألف درهم صحاحا، ويحتاج إلى مثلها دفعة أو دفعتين، حتى يتكامل قلع التراب، ويحصل موضعه الرمل موازيا لوجه البستان.
فلمّا فرغ من ذلك، وصار البستان أرضا بيضاء لا شيء فيها من غرس ولا نبات، قال: قد أنفق على هذا، حتى صار كذا، أكثر من ألفي ألف درهم.
ثم فكّر في أن يجعل شرب البستان، من دواليب ينصبها على دجلة، فأعلم أنّ الدواليب لا تكفي، فأخرج المهندسين إلى الأنهار التي في ظاهر الجانب الشرقيّ من مدينة السلام، ليستخرجوا منها نهرأ يسيح ماؤه إلى داره، فلم يجدوا ما أرادوه إلّا في نهر الخالص «١» ، فعلّى الأرض بين البلد وبينه تعلية أمكن معها أن يجري الماء على قدر، من غير أن يحدث به ضرر، وعمل تليّن عظيمين، يساويان سطح ماء الخالص، ويرتفعان عن أرض الصحراء أذرعا، وشقّ في وسطهما نهرا جعل له خورين «٢» من جانبيه، وداس الجميع بالفيلة، دوسا كثيرا، حتى قوي، واشتد، وصلب، وتلبّد، فلما بلغ إلى منازل البلد، وأراد سوق النهر إلى داره، عمد إلى دور السلسلة، فدكّ أرضها دكّا قويا، ورفع أبواب الدور، ووثّقها، وبنى جوانب