فقلت: يا أمير المؤمنين الرجال لا يكالون، وليس كلّ أحد يجيء على الهوان، وإنّ الفضل استخطأ رأيي فيما عاملت عمروا به، فصار إليه، وعامله بمثله حيث لم ينفع ذلك، ولو تركني معه في الأوّل، لاستخرجت منه ثلاثة آلاف ألف عفوا، وهذه تذكرة بخطّ عمرو تحتوي على ثلاثة آلاف ألف، فأخرجتها، وطرحتها بين يديه.
وقلت: لو كنت علمت أنّ أمير المؤمنين يجيبني في ذلك الوقت، إلى ثلاثة آلاف ألف، عنه، لبذلتها، فبذلت ألفي ألف، حتى إن لم يقنع، زدت ألف ألف، والآن فقد فسد هذا، ووالله، لا أعطي عمرو، مع ما جرى عليه، حبّة، فإن استحلّ أمير المؤمنين دمه، فذاك إليه، وإلّا فليس إلى استخراج شيء منه سبيل.
قال: فاستحيا المأمون، وأطرق مفكّرا مليّا، ثم رفع رأسه، وقال:
والله لا كان كاتب من كتّابي، ولا نبطيّ من عمّالي، أكرم، وأوفى، وأصحّ تدبيرا منّي، قد وهبت لك يا محمد، عمروا وما عليه، فخذه، واصنع به ما شئت.
فتسلّمته من الفضل بن مروان، وأطلقته مكرّما إلى بيته.