فلما كان ليلة من الليالي، خرجت مع جدّك، فطلبت ملّاحي، فلم أجده، فأخذني بعض أصحاب جدّك، في سميريته، وبكّرت في الغد، فلم أعرف له خبرا، وتمادى ذلك سنين.
فلما كان بعد سنين، رأيته في الكرخ، بطيلسان «١» ، ونعل طاق، بزيّ التجّار المياسير.
فقلت: فلان؟ فحين رآني اضطرب.
فقلت: ويحك، ما قصّتك؟
قال: خير.
فقلت: وما هذا الزيّ؟
قال: تركت الملاحة، وصرت تاجرا.
قلت: فرأس المال من أين لك؟ فجهد أن يفلت.
فقلت: لا تطوّل عليّ، والله، لا افترقنا، أو تخبرني خبرك، ولم تركتني تلك الليلة، ثم لم نرك إلى الآن؟
فقال: على أن تستر عليّ.
فقلت: أفعل.
فأحلفني، فحلفت.
قال: إنّك أبطأت تلك الليلة، وعرضت لي بولة، فأصعدت من دار الخلافة، إلى مشرعة بنهر معلّى، فبلت.
وإذا برجل قد نزل، فقال: احملني.
فقلت: أنا مع راكب لا يمكنني فراقه.
فقال: خذ مني دينارا واحملني.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute