فقال: إنّك وليت مني مثل هذا، فأحسنت إليّ، فأدّيت ما أدّيت عفوا، ووالله [٤٥ ب] لا يؤخذ مني درهم واحد كرها، ولي عند فلان ثلاثون ألفا، فخذها جزاء لما صنعت.
فقلت: والله، لا أخذت منك، وأنت على هذه الحال، شيئا.
قال: أتدري ما سمعت من أهل دينكم، يحكون عن نبيّكم؟
قلت: لا.
قال: سمعتهم يقولون ويحكون عنه، إنّه قال: إذا أراد الله بقوم خيرا ولّى عليهم خيارهم، وأمطرهم المطر في أوانه، وإذا أراد بقوم سوءا «١» ، ولّى عليهم شرارهم، وأمطرهم المطر في غير أوانه، ثم أمر قائد البغل، أن يقوده.
فلم أرم من مكاني «٢» ، حتى جاءني رسول الحجّاج، وقال: أجب، فمضيت إليه، فوجدته متنمّرا، والسيف منتضى في حجره.
فقال: ادن.
فقلت: لا والله، لا أدنو وهذا في حجرك.
فأضحكه الله، وأغمد السيف، وقال: ما خاطبك به المجوسيّ؟
قلت: والله، ما غششتك منذ ائتمنتني، ولا كذبتك منذ صدقتني، فقصصت عليه القصّة.
فلما أردت أن أذكر الرجل الذي عنده الثلاثون ألف، أعرض، وقال:
لا تذكره، أما إنّ الكافر عالم «٣» بآثار رسول الله [٤١ ط] صلّى الله عليه وسلّم.