للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع قصور الدّخل «١» عن الخرج، فيلقى منه عنتا «٢» .

ثم كلّفه تولّي [٤٦ ب] البناء بنفسه وكتّابه، فكان، وهم، يتولّون ذلك.

فسعى بعض أصحاب معزّ الدولة إليه، أنّهم يسنفون «٣» البناء في السور، ليتعجّل بنفقة خفيفة، ويسرقون الباقي.

وأوقفه على موضع منه، كان فيه ساف لبن لم يحكمه الصنّاع، ومشى عليه بحضرة معزّ الدولة- لأنّه ركب إليه- فانقلعت منه لبنة.

فحمي طبعه، وكان حديدا جدّا، سليم الباطن مع ذلك، وإذا أخرج حدّته، وانقضت سورة غضبه، يندم على فعله، ولكن من يقوم على تلك الحدّة.

فأحضر المهلّبيّ، وواقفه على ما رآه، فأخذ يحتجّ عليه.

فحمي، وأمر به، فبطح، وضرب مقارع كثيرة.

ثم قال: اخنقوه، فجعل في عنقه حبل، وأمسكه ركابيّون فوق السور، ليشيلوه، فيخنق.

وبلغ خبره القوّاد، والأتراك، وخواصّه، فبادروا إلى تقبيل الأرض بين يديه، ومسألته الصفح عنه، فأنزله، وأطلقه.

فمضى إلى داره كالميت، وأظهر قلّة حفل بذلك، لئلّا يشمت أعداؤه، ويطمعوا في صرفه، ويتقوّلون «٤» عليه بانكسار إن بان منه، ولئلّا يبلغ صاحبه أنّه مستوحش من ذلك، فيستوحش منه.