للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان يأتيني ويراعيني، ويظهر لي البرّ، ويسألني عن حالي، فأخبرته أنّ الأمير قبل هديتي، وأعطاني ألف درهم وثيابا، وأنّي أريد الخروج يوم كذا وكذا، فمضى.

فلما كان ذلك اليوم، خرجت من الدار، راكبا حمارا، فلما صرت في الصحراء، إذا أنا بالشيخ راكبا دويبة ضعيفة، متقلّدا سيفا.

فلما رأيته استربت به، وأنكرت وجهه، وأيقنت بالشر في عينيه، فقلت: ما تصنع [ها هنا] «١» .

فقال: قضيت حوائجي، وأريد الخروج صحبتك، وصحبتك عندي آثر من صحبة غيرك.

فقلت: على اسم الله.

فمضينا، وهو يجتهد أن آنس به، وأدنو منه، وكلما دنا منّي، تباعدت عنه، إلى أن سرنا شيئا كثيرا من الطريق، وليس معنا ثالث، إلّا الله تعالى؛ فقصر عني، فحثثت حماري لأفوته، فما أحسست إلّا بركضه في إثري، فالتفتّ، [وإذا هو] «٢» قد جرّد سيفه، وقصدني، فرميت بنفسي عن الحمار، وعدوت.

فلما خاف أن أفوته، صاح: يا أبا القاسم، إنما مزحت معك.

فلم ألتفت إليه، فضرب دابته، وزاد في الجري، ولاح لي ناووس، فقصدته، وقد كاد الأعرابي أن يلحقني، فلما دخلت الناووس، وقفت وراء بابه.

قال: ومن صفة هذا الناووس، أنّه مبني بحجارة، وباب هذا الناووس حجر واحد عظيم، قد نقر، وحفّف، فلا تستمكن اليد منه، وله من