للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فارتاعت من قولي، وقالت: زوجي.

فقلت: وما شأنه؟

قالت: أخبرني أنّه يهواني، وما زال يدسّ إليّ، ويعلق بي في كلّ طريق، ويشكو شدّة وجده، حتى تزوّجني، فلبث معي قليلا، وكان له عندي من الحبّ، مثل الذي كان لي عنده، ثم مضى إلى جدّة «١» ، وتركني.

قلت: فصفيه لي.

فقالت: أحسن من تراه، وهو أسمر، حلو، ظريف.

قال: فقلت: فخبّريني، أتحبّين أن أجمع بينكما؟

قالت: فكيف لي بذلك، وظنّتني أهزل بها.

قال: فركبت راحلتي، وصرت إلى جدّة، فوقفت في المرفإ «٢» ، أتبصّر من يعمل في السفن، واصوّت: يا عمرو، يا عمرو، فإذا أنا به خارج من سفينة، وعلى عنقه صنّ «٣» ، فعرفته بالصفة.

فقلت: أعمرو علام تجنّبتني؟

فقال: هيه، هيه، رأيتها، وسمعته منها؟ ثم أطرق هنيهة، ثم اندفع يغنّيه، فأخذته منه، وقلت له: ألا ترجع؟

فقال: بأبي أنت، ومن لي بذلك؟ ذلك والله أحب الأشياء إليّ، ولكن منع منه طلب المعاش.

قلت: كم يكفيك كلّ سنة؟

قال: ثلاثمائة درهم.