للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو يقول: لو هجوتني لشربت من هذا، وحيّيت من هذا، وتنقّلت «١» من هذا، قم الآن وكل ممّا تستحقه بمدحي.

فقمت، وجاءوني بطبق وسخ، عليه أرغفة سود، وقطعة مالح، ومرق سكباج «٢» أحمض من الفراق، وقليل تمر.

فأكلت لفرط الجوع، وجاءوني بأشنان أخضر، لم ينقّ يدي، وجئت فجلست عنده.

فقال: اجعلوا بين يديه من الشراب، مثل ما يستحقّ من مدحني.

فجاءوني بقنينة زجاج أخضر غليظ وحش، وقدح مثلها، وسخين وحشين، وفي القنينة نبيذ دوشاب «٣» طريّ، وباقلا مملوح، وباقة ريحان.

فشربت أقداحا، وهممت بهجائه، وأنا أمتنع، خوفا من أن يكون ذلك يصعب عليه، وإنّما يمازحني بما يقوله لي، وأنا أفكّر في ذاك، إذ أخرج خمسين دينارا.

فقال: الآن قد فاتك ما مضى، ولكن اهجني مستأنفا، حتى أعطيك لكل بيت دينارا.

فقلت: إن كان ولا بدّ، فاكتب، وقلت:

جاءت بهيثم أمّه ... من بغيها وزنائها

فرمى إليّ دينارا، فقلت: