للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى لم يمكنه التشاغل بفقه، ولا بغيره، من شدة قلقه، وتعلّق قلبه بها، وذكر أنّ ابن أبي حامد قد اشتراها، فأوجبت الحال مضي أبي حامد الفقيه، إلى ابن أبي حامد، يسأله الإقالة، وأخذ المال من البائع.

فمضى، ومعه الرجل، فحين استأذن على ابن أبي حامد، أذن له في الحال، فلما دخل إليه، قام إليه، واستقبله، وأكرمه غاية الإكرام، وسأله عن حاله، وعما جاء له، فأخبره أبو حامد، بخبر الفقيه، وبيع الجارية، وسأله قبض المال، وردّ الجارية على صاحبها.

فلم يعرف ابن أبي حامد، للجارية خبرا، ولا كان عنده علم من أمرها، وذلك أنّ امرأته كانت قد اشترتها، ولم يعلم بذلك، فورد عليه من ذلك مورد، تبيّن في وجهه.

ثم قام ودخل على امرأته، يسألها عن جارية اشتريت في سوق النخّاسين على الصفة والنعت.

فصادف ذلك، أنّ امرأته، كانت جالسة، والجارية حاضرة، وهم يصلحون وجهها، وقد زيّنت بالثياب الحسان والحلي.

فقالت: يا سيّدي، هذه الجارية التي التمست.

فسرّ بذلك سرورا تاما، إذ كانت عنده رغبة في قضاء حاجة أبي حامد، فعاد إلى أبي حامد، وقال له: خفت أن لا تكون الجارية في داري، والآن فهي بحمد الله عندنا، والأمر للشيخ أعزه الله في بابها.

ثم أمر بإخراج الجارية، فحين أخرجت، تغيّر وجه الفتى، تغيّرا شديدا، فعلم بذلك، أنّ الأمر كما ذكره الفقيه، من حبّه لها، وصبابته بها.

فقال له ابن أبي حامد: هذه جاريتك؟

فقال: نعم، هذه جاريتي، واضطرب كلامه من شدة ما نزل به عند رؤيتها.