للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجانبنا في الحبّ من لا نجانبه ... ويبعد عنّا في الهوى من نقاربه

حتى انتهيت إلى قولي:

وكيف رأيت الحقّ قرّ قراره ... وكيف رأيت الظلم آلت عواقبه

ولم يكن المغترّ بالله إذ شرى ... ليعجز والمعتزّ بالله طالبه

رمى بالقضيب عنوة وهو صاغر ... وعرّي من برد النّبي مناكبه

وقد سرّني أن قيل وجّه مسرعا ... إلى الشرق تحدى سفنه وركائبه

إلى واسط نحو الدجاج ولم تكن ... لتنشب إلّا في الدجاج مخالبه

فضحك، واستعاد هذه الأبيات مرارا، فأعدتها.

فدعى بالخادم، وطلب الرقعة التي فيها أبياتي التي أنشدته إيّاها في حبسه، فأحضره إياها، بعينها.

فقال: قد أمرت لك لكلّ بيت في الرقعة بألف دينار، وكانت ستة، فأعطيت ستة آلاف دينار.

وقال لي: كأنّي بك، وقد بادرت، فاشتريت غلاما، وجارية، وفرسا، وفرشا، وأتلفت المال، لا تفعل، فإنّ لك، فيما تستأنفه من أيّامك معنا، ومع وزرائنا وأسبابنا، إذا علموا موقعك منّا، غناء عن ذلك، فاشتر بهذا المال ضيعة ببلدك، تقوم في أدناها فترى أقصاها، ويبقى لك أصلها، وتنتفع بغلّتها، كما فعل ابن قيس الرقيات، بالمال الذي وصله به عبد الله بن جعفر.

فقلت: السمع والطاعة، وخرجت، فعملت [٢١] بما قاله، واعتقدت بالمال ضيعة جليلة بمنبج «١» ، ثم تأثّلت حالي معه، وأعطاني، وزاد وما قصّر.